June 19, 2011

شاهد عيان من مشرحة طرابلس

"Tripoli mortuary eyewitness: "Haunted by Libya deaths
 تقرير لـ بي بي سي  BBC's Pascale Harter 
ترجمة: عبدو الليبي

ممكن ان تكون الجثث قد ازيلت من المستشفيات، ولكن ظلت الشعارات المعادية للنظام 

بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الليبية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا فى الفترة من 15-16 فبراير، ولكن سرعان ما انتشرت غرباً، ووصلت الى العاصمة طرابلس، في 20 فبراير. ونفى المسؤولون اصابة اي شخص في إشتباكات وقعت بين قوات الامن والمتظاهرين. ولكن عامل سابق في مشرحة مستشفى طرابلس، كان قد فر إلى تونس، قال للصحفي باسكال هارتر من الـ بي بي سي ما رآه: 

ذهب الكثير من الشباب للاحتجاج في الساحة الخضراء في ذلك اليوم، وأعتقد تقريباً انه لا أحد عاد على قيد الحياة في تلك الليلة. قتل ما بين 600 و 700 شخص. أنا أعرف هذا لأنني حملت الجثث الى مستشفى الذي كنت اشتغل فيه. كل سيارة إسعاف كانت تحضر ثلاثة أو أربعة أشخاص قتلى واستمرت سيارات الاسعاف في الذهاب والاياب كالعربات التي تقوم  بانزال البضائع. 

وسائل إعلام أجنبية عثرت على ادله قمع عنيف في مشارح ببنغازي

كل سياره من سيارات اسعاف طرابلس، ونحن لدينا الكثير منها، كانت في الطرق تحمل الجثث وعندما امتلأت ثلاجات المشرحة، وضعنا الجثث على الطاولات والنقالات أو تركناها على الأرض وكان هذا هو نفس الحال في المستشفيات الأخرى. 

العقيد القذافي قتل الناس الذين كانوا يتظاهرون سلميا. أنا أعرف هذا لأنني رأيت ذلك بنفسي... رأيت رجال يرتدون الزي العسكري ملثمون في سيارات نقل يطلقون النار على الناس... كان ذلك وكأنه مشهد من فيلم مرعب. 

"فليسقط القذافي" 
أعتقد أن قوات العقيد القذافي كانوا يستخدمون المدافع المضادة للطائرات ضد المتظاهرين. كان الضحايا مصابون بأعيرة نارية في رؤوسهم أو صدورهم وكان الرصاص قد فجر اجسادهم وتحطمت رؤوس بعضهم وقد حاولت التقاط اجزاء منها. 

كانت هناك حالة فوضى وارتباك واضطراب في المستشفى. لم نحصي عدد القتلى أو نسجلهم... كنا فقط نلقي بالجثث ونبعت بالجرحى الى غرفة العمليات الجراحية. لم يسجل اي احد أسماءهم او عددهم... أيضا، الجثث التي جيئ بها كانت بدون بطاقات هوية عليها. ولكن في جيب احد الرجال وجدت إيصالا باسمه فسجلت اسمه.

سيارات الإسعاف كانت تقوم بجمع ما يمكنها من القتلى والجرحى، ولكن بعد ذلك بدأت قوات العقيد القذافي في اطلاق النار عليهم. طلبت  من سائق احدى سيارات الإسعاف ان يجلب المزيد من الجرحى، لكنه قال : "أنا لا أريد أن أموت"، وألقى بمفاتيحه على الأرض ومشى. 

أحضر قائد عسكري احد الجنود وكان مصاب بعيار ناري في بطنه ولكنه لم يثق في الأطباء لإجراء عمليه جراحيه له، ولذلك طلب من جندي آخر البقاء مع الجندي الجريح. وعندما جاء الثلاثة إلى المستشفى بدأ اهالي الضحايا من المتظاهرين الذين قتلوا أو جرحوا يهتفون "يسقط القذافي" فبدأ القائد العسكري باطلاق الرصاص من بندقيته على السقف فانبطح الجميع على الارض. 

صور الموتى تلاحقه  
وبعد أيام قليله، جاء جنود واخذوا القتلى والجرحى من المستشفى. لقد سحبوا أقنعة الأوكسجين عن الجرحى وانتزعوا كل الأسلاك المتصلة بأجهزه التشغيل والرقابه الطبيه لهم، وسحبوا القساطر والأنابيب العالقه بأجسادهم واقتادوهم بعيداً. 

بعض هؤلاء الجرحى كانوا مخدرين وفاقدين الوعي وحتى الذين لم يكونوا مخدرين لم تكن لديهم الفرصة حتى للصراخ... ثم قام الجنود بتكديس الجرحى مع الموتى في سيارات تويوتا لاند كروزر واقتادوهم بعيداً. ولم يجرؤ أحد من العاملين في المستشفى على الكلام (الإعتراض على ما يحدث) على الإطلاق. ماذا يمكننا أن نفعل؟ لو اني فعلت اي شيئ، لكنت قد  تكدست مع الأموات أيضاً. لا نعرف حتى الآن ماذا حدث لهؤلاء االقتلى والجرحى الذين اخذتهم قوات العقيد القذافي. لا أحد لديه الشجاعة حتى ان يسأل عن مصيرهم. 

في اليوم التالي، وجهت الحكومة الليبية طاقم التلفزيون الحكومي لإجراء مقابلات مع الأطباء لدينا فقالوا: "لا، لا يوجد مصابين بالمستشفى ولم يسقط حتى شخص واحد من على سلم. 

وقبل أن يأخذوا القتلى، طلب مني زميلي التقاط صور لهم حتى تتمكن عائلاتهم معرفة ما حدث لهم ولكن لم يكن بهاتفي كاميرا فأعطاني هاتفه. أخذت مفاتيح المشرحة وألتقطت صور القتلى ثم بعد ذلك سلمت إليه هاتفه... وبعد بضعة أيام سمعت انه ألقي القبض عليه من قبل الشرطة... لا أعرف ماذا فعلو به وعندما سمعت بذلك هربت بعيدا. غادرت طرابلس وذهبت للانضمام الى الثوار في الزاوية فساعدوني في الوصول إلى تونس عبر الصحراء. 

انا الآن اتعاطى حبوب منومه... ولكن كلما اكون مستيقظاً، لا تفارق خيالي صور الحاج باسط ... دائما متواجد حولي ...أرى خياله حتى في الشارع. الحاج باسط هو الرجل الذي كان في جيبه إيصال استلام يحمل اسمه... تم تفجير رأسه إرباً...إربا وعندما رفعناه من على نقالة الإسعاف سقط جزء من رأسه وأجزاء من دماغه انسكبت على الارض فقمت بالتقاطها وحاولت بعد ذلك أن اضعها معاً في رأسه. كان عمره حوالي 45 سنة... لم يكن ارهابياً أو يتعاطى عقاقير الهلوسة التي ادعى العقيد القذافي بأن المتظاهرين يتعاطونها.

المصدر 

راحع ايضاً

No comments: