في الوقت الذي كانت فيه ليبيا تعاني من ازمه ماليه بسبب الحرب المدمره التي شنها الطاغيه القذافي على شعبه، خصصت الحكومه الإنتقاليه ميزانيه طارئه لمعالجة الجرحى من الثوار بالخارج في العديد من دول العالم. ولكن نتيجه لإنعدام الشعور بالمسؤوليه ولوجود فساد أداري ومالي كبير فى هذا الملف، استغل البعض هذه الظروف وهذا القصور حيث تم ضم اعداد هائله تقدر بعشرات الآلاف إلى هذا الملف من غير المؤهلين او من المرضى الذين لا تستدعي حالاتهم الخروج خارج ليبيا للعلاج مما ادى الى عرقلة فرص سفر العديد من الجرحى من الثوارالذين هم في امس الحاجه للعلاج بالرغم من إصاباتهم البليغة بسبب ازدحام المستشفيات بالليبيين من غير الجرحى وتراكم الديون من مستحقات المستشفيات والفنادق الأردنيه مما اضطر هذه المستشفيات الى رفض قبولهم...ناهيك عن استنزاف اموال الدوله وميزانية رعاية الجرحى.
فيما يلي مجموعه من التقارير تكشف وجود تجاوزات في ملف الجرحى بالأردن
ترجمة وتحرير / عبدو الليبي
د. محمود التومي / طبيب متطوع في هيئة رعاية الجرحى يكشف بعض التجاوزات في ملف الجرحى
توقف الحكومة الليبيه عن تغطية تكاليف علاج العقم والإقامه في الأردن على حساب ملف رعاية الجرحى
قبل ثلاثة أشهر، (اي شهر فبراير 2012) استقلت فاطمة وزوجها طائرة من ليبيا وتوجهت إلى الأردن. السيدة فاطمه متزوجه منذ 15 عام وكانت متطلعه لإجراء عملية التخصيب المخبري (in vitro fertilisation IVF) (اي خارج الجسم في انبوبة اختبار) مجاناً على نفقة الحكومة الليبية الانتقالية (حكومة الكيب).
ولكن تبددت آمال السيدة فاطمه عندما علمت بعد وصولها ان اجراء هذه العمليه والتي تبلغ تكاليفها حوالي 4 آلاف دولار أمريكي، لم تعد مشمولة في برنامج ليبيا الخاص بتغطية تكاليف علاج الجرحى من الثوار والمرضى من ذوي الحالات الحرجه التي تستدعي الحصول على الرعاية الطبية في الخارج. وسوف تتوقف ليبيا كذلك عن دفع تكاليف اقامة السيده فاطمه في الأردن... وتقول "وبعد يومين من وصولي، توقفت الحكومة الليبيه عن تغطية العلاج بطريقة IVF، ولكن تم تغطيته تكاليف اقامتي حتى الآن" وكانت السيده فاطمه تتحدث من فندق خمس نجوم على البحر الميت، وقد احاطت بها نساء أخريات جميعهن يسعين مثلها لإجراء هذه العمليه.
وتضيف السيده فاطمه..."والسبب في مجيئي إلى الأردن لأن الحكومة كانت تعالجنا مجاناً...ومن واجب الحكومة أن تفعل ذلك وأنا الآن سوف اضطر لدفع التكاليف". وأتت ما يقارب من 8 آلاف من النساء الليبيات إلى الأردن لتلقي علاج IVF منذ أغسطس 2011. وان فشلت عمليات التخصيب الإصطناعي في اول مره فإن الحكومة الليبيه تدفع ثمن إجراء العمليه للمره الثانيه واحياناً الثالثه!.
وفي حين كان المقصود أصلاً ببرنامج الرعاية الصحيه المجانية هم الجرحى الذين سقطوا في الحرب التي ساعدت في الاطاحة بالطاغيه القذافي، فإنه سرعان ما توسعت وشملت حالات طبية اخرى لم يتمكن قطاع الصحه البائس والكارثي في ليبيا من التعامل معها. في شهر فبراير 2012، وفي محاولة للحد من تصاعد التكاليف قامت الحكومه الليبيه بإلغاء تغطية نفقات العلاج للعديد من الحالات الطبية التي يغطيها البرنامج واقتصرت فقط على حالات السرطان وأمراض القلب، وأمراض الكلى وأمراض الأطفال.
تقول السيده فاطمه "كثير من النساء عقيمات ونظامنا الصحي يعاني منذ 40 عاما...ليس من العدل أن هناك نساء خضعن للعلاج مجاناً وغيرهن لم يتمكن من ذلك ... المرضى الذين أهدروا المال العام دمروا فرصنا". العديد من النساء الليبيات هرعن إلى الأردن بعد التصريح الذي أدلى به رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل في مؤتمر صحفي في سبتمبر 2011، حينما قال ان الليبيين المصابين سوف يحصلون على الرعاية الصحيه المجانية في الأردن وإيطاليا. وفسر العديد من الليبيين تصريحه هذا بأنه يعني أن أي ليبي لديه مشكلة طبية يستعصى علاجها في ليبيا يمكنه الاستفادة من البرنامج.
وقال فوزي الحموري رئيس جمعية المستشفيات الخاصة في الأردن " لقد بدأ المرضى يتوافدون على الأردن بالطائرات بمفردهم دون إذن او الحصول على موافقة مسبقة من الحكومه الليبيه...لقد فهموا ذلك التصريح على أنه إعلان الموافقة على جميع المرضى والجرحى."
وقالت ليلى (35 عاماً) وهي بدورها تسعى ايضاً لإجراء عملية التخصيب الأنبوبي بطريقة IVF، ان لديها ابن (7 اعوام) حبل من خلال التلقيح الاصطناعي بنفس الطريقه في الأردن وكان ذلك على نفقة نظام الطاغيه القذافي السابق...وتضيف ليلى "ابني يريد أخ...جميع صديقاتي يعالجن بطريقة IVF (على نفقة الحكومه) في اشارة الى النساء اللواتي هرعن الى الاردن منذ الخريف الماضي (2012) وعادت بعضهن إلى ليبيا وهن حوامل... وقالت انها سوف تخضع لمحاولتها الثالثة هذا الشهر...وتقول "في البداية دفعت الحكومة الليبيه التكاليف ولكنها توقفت الآن ... في كل مرة تصدر الحكومة قرارات تزعجنا ونحن بحاجة إلى أن نكون في حاله من الإسترخاء والراحه النفسيه لإجراء عملية IVF".
اما عائشة (35 عاماً) متزوجه منذ خمس سنوات وقد فشلت محاولتها الأولى للتلقيح الإصطناعي (على نفقة الحكومه) وكان من المقرر إجراء عملية IVF الثانيه، لكنها قالت ان الحكومة الليبيه توقفت عن دفع التكاليف...وتضيف "اولاً...أنهم يقفون في طريق علاجنا والآن يريدون اخراجنا من الفنادق (تقصد فنادق الخمس نجوم)...نحن الآن محبطون"!.
تصاعد تكاليف برامج الرعايه الصحية للجرحى في ليبيا:
في الخريف الماضي (2011)، أنشأت ليبيا برنامج لإرسال الثوار المقاتلين الذين أصيبوا في حرب الاطاحة بالطاغيه القذافي لتلقي العلاج الطبي مجاناً بالخارج. ولكن تعرض هذا البرنامج للتشويه والعبث بسبب الغش وسوء الإدارة فذهب معظم المرضى (والمتمارضين والإنتهازيين) إلى الأردن.
وأوضح رئيس هيئة رعاية الجرحى التابعة للحكومة الانتقالية في ذلك الوقت السيد أشرف بن أسماعيل أن الدولة الليبية تتحمل شهريا عبء دفع 15 مليون دولار نفقات علاج وإقامة 1500 ليبي وليبيه يعانون من العقم تم ضمهم في وقت سابق إلى أعداد الجرحى بالأردن.
فيما يلي احصائيه للمبالغ التي تم انفاقها على علاج الليبيين والليبيات بالأردن:
Former Libyan rebel fighter Faraj Fakhri is being treated in Amman’s Chmeisani hospital.
Credit: Mona Alami / IPS
وأوضح رئيس هيئة رعاية الجرحى التابعة للحكومة الانتقالية في ذلك الوقت السيد أشرف بن أسماعيل أن الدولة الليبية تتحمل شهريا عبء دفع 15 مليون دولار نفقات علاج وإقامة 1500 ليبي وليبيه يعانون من العقم تم ضمهم في وقت سابق إلى أعداد الجرحى بالأردن.
- 172 مليون دولار مجمل الديون المستحقه على الحكومة الليبية للمستشفيات الخاصة والفنادق في الاردن.
- 54 الف، عدد الليبيين والليبيات الذين جاءوا لتلقي العلاج في الأردن على حساب الدوله منذ اغسطس 2011 وحتى أبريل 2012، بما في ذلك 15 الف من المقاتلين الجرحى و 8 آلاف من النساء لغرض إجراء عمليات التلقيح الإصطناعي. اما إجمالي عدد الليبيين من الجرحى والمرضى وعائلاتهم الذين دخلوا المملكة الأردنيه منذ فبراير2012 فقد بلغ 58 الف وذلك اعتبارا من بداية شهر مارس، وفقاً لأحدث الأرقام. وفي مؤتمر صحفي عقد في نفس الشهر، قال علي بن جليل، رئيس اللجنة الطبية الليبية في الأردن، ان حوالي 48 الف من الليبيين جاءوا لتلقي العلاج الطبي في الأردن، بينما جاءت النسبة الباقية لأغراض أخرى بما في ذلك السياحة.
راجع التقرير التالي:
- سددت ليبيا حتى الآن (2012) تكلفة 56 مليون دولار عن فواتير الفنادق لإقامة الجرحى والمرضى والمرافقين والتي بلغت 127 مليون دولار لنحو 190 من أماكن الإقامة التي استضافت الليبيين.
- 101 مليون دولار تكلفة فواتير المستشفيات الخاصه في الأردن حتى شهر ابريل 2012، وفقا للجمعية الأردنية للمستشفيات الخاصه. ويشير رئيس هذه الجمعيه السيد عوني البشير أن عدد المرضى الليبيين الذين يصلون الى المملكة للعلاج آخذ في التناقص ..مضيفاً "في كل يوم، يصل حوالي 1,000 مواطن ليبي للعلاج بالأردن، ولكن منذ ان فرضت الحكومة الليبية تشديدات ولوائح على إرسال المرضى إلى الأردن، انخفض عددهم، وحاليا يصلنا حوالي 40 مريض يوميا".
- 1.5 مليار دولار تكلفة البرامج الصحيه في جميع البلدان التي أنفقت حتى الآن وتم تخصيص 400 مليون دولار كنفقات في شهر سبتمبر 2012 فقط.
وقال مسؤول ليبي يوم الخميس الموافق 8 مارس 2012، إن الحكومة الليبية المؤقتة قد حددت الضوابط والشروط المنظمة لعلاج الجرحى والمرضى الليبيين خارج البلاد وسوف لن تدفع تكاليف علاج المرضى الليبيين الذين يأتون إلى الأردن دون الحصول على موافقة مسبقه بالإيفاد من وزارة الصحة أو هيئة الجرحى. وصرح علي بن جليل بأن القرار سيدخل حيز التنفيذ في 18 مارس 2012. وقال "أي ليبي يأتي إلى الأردن بعد ذلك التاريخ دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة يجب عليه أن يدفع نفقاته الخاصة، بما في ذلك تكاليف الرعاية الطبية" واضاف "اعتُمد هذا القرار لأننا لا يمكننا أن نغطي التكاليف الباهظه للمساكن والمصاريف اليومية لأولئك الذين يأتون للعلاج والبقاء لفترات طويلة"، وقال موضحاً ان بعض المرضى يستمرون في البقاء في الأردن بعد إنهاء العلاج لغرض السياحه وعلينا أن ندفع تكاليف سكنهم ونفقات أخرى".
كما أشار السيد بن جليل إلى أن التكلفة الإجمالية لعلاج المرضى الليبيين في الأردن حتى نهاية شهر يناير 2012 وصل إلى 80 مليون دولار، وقد دفعت ليبيا 30 مليون دولار فقط من هذه المستحقات".
راجع التقرير التالي:
Libyan patients pose with their country’s flag in an Amman hospital last June. Some 48,000 Libyans have come to Jordan for medical care since the Libyan revolution last year (File photo: The Jordan Times)
ونتيجه للفوضى والوساطه وفساد وسوء إدارة ملف علاج الجرحى والمصابين في الخارج وانعدام معايير الرقابه، استغل كثير من الإنتهازيين الفرصه لأنفسهم او لأقاربهم وأصدقاءهم بل ان بعضهم استخدموا وثائق مزورة للإنضمام الى قائمة المؤهلين للسفر وتلقي العلاج مجاناً في الخارج، وبالتالي اهدرت الاموال المخصصة لعلاج الجرحى واستخدمت لتغطية تكاليف الجراحات التجميلية، والتخصيب الإصطناعي والعناية بالأسنان.
ويقول السيد رجب حسن العبيدي، المنسق العام للجنة رعاية الجرحى في الأردن "لقد رأيت فواتير متعلقة بإزالة الوشم من الحاجب وغيرها لإزالة الشعر بواسطة الليزر وعمليات تجميل الأنف، وشد البطن وسمعت عن فواتير أخرى لعمليات جراحية لتكبير الصدر!".
وفي تقرير اخر يقول السيد العبيدي انه قد تم ضبط 100 حالة تزوير، والكثير من حالات أدعاء الجروح ومن المتوقع أن يقل عدد الجرحى بحيث لا يبقى سوى الجرحى الحقيقيون بعد عملية الفرز الثاني والتقارير الطبية، إذ انخفض عدد الجرحى من رقم عالي جداً إلى 1525 جريح فقط الآن بعد الفرز الأول (بدلاً من 15 الف مرضى مزعومين على حساب الثوار)، ونتوقع أن يقل العدد حيث أن بعض من يطلب منه تقارير طبية لا يعود مرة أخرى كما تم مغادرة الكثير من الذين استكملوا علاجهم وقد عثرنا أيضا على بعض من الذين تلقوا علاجاً في دول أخرى مثل تركيا وحضروا للأردن ليس بغرض العلاج... ونحن لا نقرر من هو الجريح الذي يستحق العلاج إنما تقوم به لجنة طبية وتصدر تقريرا بهذا.
راجع التقرير التالي:
الجرحى الليبيون في الأردن ووضع النقاط على الحروف
Omar Salem, a Libyan rebel fighter, has gotten treatment at a hospital in Amman. Jordanian surgeons
saved his leg, which was hit with shrapnel during fighting in Tripoli. Source: Salah Malkawi for The National
Zakkariya Ibrahim, 26, arrived in Jordan last October to be treated for shrapnel and bullet wounds sustained in Sirte. He has been staying at a hotel on shore of the Dead Sea but say the muddled Libyan medical programme is jeopardising his treatment. Source: Salah Malkawi for The National
راجع التقارير التاليه:
ومن ناحية اخرى، لم تكن حالات الفساد والتزوير واستغلال ملف الجرحى من الجانب الليبي فقط فقد اتهم مسؤولون ليبيون المستشفيات والأطباء في الأردن وتونس وتركيا بالتلاعب بالعلاج كطلب اختبارات وتحاليل غير ضرورية وإجراء عمليات ليس لها علاقة بجراح الحرب ناهيك عن تضخيم فواتير العلاج بتكاليف مبالغ فيها.
المصادر:
المصادر: